اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 268
اتَّخَذُوهُ الها معبودا الا ظلما وزورا وخروجا من مقتضى العقل والنقل وَبالجملة هم قد كانُوا في أنفسهم ظالِمِينَ خارجين متجاوزين عن مقتضى العقل والنقل
وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ اى لما ظهر ندمهم عن فعلهم واشتد فيهم تجهيل نفوسهم وتخطئة عقولهم وبالجملة قد لاح عندهم قبح صنيعهم هذا وَرَأَوْا وعلموا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا بارتكاب هذه الفعلة القبيحة عن مقتضى العقل والنقل ضلالا بعيدا بمراحل عن الرشد والهداية قالُوا متضرعين مسترجعين خائفين خجلين لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا بسعة رحمته وجوده وَلم يَغْفِرْ لَنا ما جئنا به ولم يتجاوز عنا ما فرطنا فيه لَنَكُونَنَّ البتة مِنَ الْخاسِرِينَ خسرانا عظيما في الدنيا والآخرة
وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ بعد ما قد وقع فيهم ما وقع وقد سمع ما سمع صار غَضْبانَ اى استولى عليه غضبه حمية وغيرة أَسِفاً متأسفا متحزنا لضلال قومه فلما وصل إليهم قالَ لهم مغاضبا بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي اى بئس شيأ ابتدعتم خلفي مِنْ بَعْدِي اى من بعد ذهابي الى ربي لأزيد صلاحكم وإصلاحكم ايها المسرفون المفرطون فازددتم الضلال وقد استوجبتم العذاب والنكال أَعَجِلْتُمْ ايها الحمقى أَمْرَ رَبِّكُمْ اى عذابه وعقابه عليكم وَمن شدة غضبه وطغيان حميته وغيرته أَلْقَى الْأَلْواحَ التي قد كانت في يده من التورية فانكسرت منها وضاعت ما يتعلق بتفصيل الاحكام وبقي المواعظ والتذكيرات وَمن افراط قهره وغضبه أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ هارون اى من شعر رأسه يَجُرُّهُ إِلَيْهِ اى الى نفسه زجرا عليه وتشددا معه قائلا له مملوا من الغيظ كيف لا تحفظهم ولا تنكر عليهم ولا تمنعهم عن فعلهم هذا حتى لا يضلوا ولا يكفروا باتخاذ العجل الها قالَ هارون معتذرا متحزنا يا ابْنَ أُمَّ اضافه الى الام استعطافا إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي حين أظهرت الإنكار عليهم وأردت ان نصرفهم عما هم عليه وحده وصاروا بأجمعهم أعدائي بل وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي لشدة غيظهم على وعداوتهم معى وأنت ايضا تغضب على علاوة وتجر رأسى حمية وغيرة وهم الآن تفرحون وتضحكون ببغضك على وزجرك إياي فَلا تُشْمِتْ ولا تفرح يا أخي بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي شريكا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الخارجين عن مقتضى العقل والنقل
ثم لما سمع موسى من هارون ما سمع ندم عن فعله وعن سوء الأدب مع أخيه مع انه اكبر سنا منه واسترجع الى الله حيث قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي عما صنعت مع أخي مع انه بريء مما نسبته اليه وَاغفر ايضا لِأَخِي فيما تقاعد وتقاصر في انكار هؤلاء الضالين المتخذين لك شريكا سيما من ادنى مخلوقاتك وأدون مصنوعاتك وَبالجملة أَدْخِلْنا بفضلك وجودك فِي سعة رَحْمَتِكَ وكنف حفظك وجوارك وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
ثم قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ المصوغ الها بمجرد الخوار الذي صدر عنه سَيَنالُهُمْ وينزل عليهم في النشأة الاخرى غَضَبٌ نازل مِنْ رَبِّهِمْ يطردهم ويبعدهم عن ساحة عز حضوره وَذِلَّةٌ صغار وهوان فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَبالجملة كَذلِكَ في النشأة الاولى والاخرى نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ المشركين لنا غيرنا من مخلوقاتنا افتراء ومراء.
ثم قال سبحانه وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ قصدا أو خطأ ثُمَّ تابُوا ورجعوا نحونا نادمين مِنْ بَعْدِها اى من بعد سيئاتهم وَالحال انه قد كان توبتهم مقرونة بالإيمان بان آمَنُوا بالله وملائكته وكتبه ورسله إِنَّ رَبَّكَ يا أكمل الرسل مِنْ بَعْدِها اى من بعد ما جاءوا بالتوبة والندامة عن ظهر القلب لَغَفُورٌ
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 268